لَحظة ولادتُكَ بَكيتَ,وفرحَ العالم
عندما وُلِدتَ بَكَيتَ ! , ربما لأنك تركْتَ عالماً رغم ضيقه يَسعكَ, يخصك وحدك. أنت المخلوق الوحيد الذي تسبح بمياه
محيطه وتنعم بكل ما فيه من غذاء , عطف , دفئ و حنان . حتى الضجيج الوحيد الذي تسمعه في هذا العالم, هي
المعزوفة المنبعثة من نبضات قلب أمك.
ربما بكيتَ, لأنك بلحظة المخاض تقوم بتوديع المسكن الذي تعودتَ عليه مدة فترة الحمل وهو بالنسبة إليك ملجأ
للحماية والأمان, وهي نقلة من جوفٍ معتم إلى عالم مبهم حتى لو كانت تشرق الشمس في كل أيامه,
وقمره يزين لياليه.
خرَجتْ أول صرخة بكاء مع رعشة جسد ضعيف لا تختفي منه غريزة الخوف من ما هو آت. بردة فعل
منك تفتح ذراعيك تريد أن تتشبث بشيء لا تجد سوى هواء فارغ بارد الإحساس , يمسحه الدفئُ
المنبعث من أول عناق يعبق بعطف وحنان الوالدة الممزوج بالفرح.
وفرح العالم ... , لما يفرح الأهل بقدوم مولود جديد ؟!
بالاستثناء من أن الأبناء هم فرحة البيت أمله ورزقه, وحمل اسم الأب والعائلة و استمرارية للحياة, وتوريثهم المال
والأملاك.
ربما فرح العالم بولادتِكَ, لأنهم ينظروا إلى الحياة بعين مشرقة و مستقبل أفضل من الحاضر الذي يعيشونه, وكأن
الحياة وجدت فقط لنا ولأجلنا, وان العيش سهل المراد.
لقد فات من فرح بولادتك, أننا جميعاً أحجار شطرنج في هذه الحياة, منا من يستطيع أن يواجه الحياة ويصمد أمام
عثراتها من دون أن يخرج من ألتربيعه المحددة له, ومنا من عبثت به الحياة وبالكاد استطاع أن يقاوم زوبعتها إن لم
يستسلم لها وتلعب به الدنيا.
لم يكن الكاتب إميل حبيبي مخطئاً عندما اوجد منحوتة " المتشائل" لان الحياة هي مزيج من الأحاسيس المتناقضة من
الفرح والتعاسة , الولادة والموت . هي مزيج من لونين الأبيض والأسود, لا يوجد ابيض ناصع كذلك الأسود بدكانه لونه,
نختلف عن بعضنا حسب تدرج اللون الرمادي من الفاتح إلى الغامق.
إن مفهوم هداة البال بدأ حاله يندثر,رغم تسهيلات الحياة لكن البساطة فيها بدأت تنعدم. من منا لم تخذله الحياة
وتكسر آماله وتخمد شعلة أحلامه, كم من نجاح كنت تطمح إليه كسر, حتى النجاح ليس بالمذاق الذي تحبه,
والابتسامة المشرقة بدا نورها خافت !.تجول بنا الدنيا بدواليبها والعمر واحد وكل شيء مكتوب منذ لحظة تكوننا
في أحشاء أمهاتنا.
لهذا عِيش حياتُكَ , بكل عثرات جنونها وبعفوية لحظتها, بفرحها وسعادتها, نجاحها وفشلها ,بدمعها
وابتسامتها.بنورها وظلامها الذي تلعنه كلما ضاقت بك الدنيا.
أنر شمعة بدل من أن تلعن هذا الظلام !
, قم بتجميع كل أواني الزيت المعتق في مسكنك الخاص,
انحت الشمعة بأناملك التي ستصنعها, لملم كل أوراقك و ذاكرتك المشتتة بين ارضين العقل والقلب
وارمي بهم داخل هذا السائل اللزج , انحت هذه الشمعة بعفوية اللحظة التي تمر ولا تقم بتجميلها أو تعطيرها.
ابحث عن نفسك بشيء تحبه ربما تجد نفسك بالكتابة أو الرسم, بممارسة رياضة تحبها, بالمطالعة التي تأخذك إلى
عالم تنفرد به بصحبة خير جليس لك. ربما بعمل تحبه أو بسفرة ما.
لا تفكر بالماضي لأنه سيسرق جزءا من حاضرك ومستقبلك.عش حياتك بطولها وعرضها بواجباتها الدينية والدنيوية لأنك
ستجد أن الحياة فانية وهي مسألة وقت نقضيه فيها ومصير مجهول. نعيش جميعا داخل أكذوبة هي الحياة, ننتظر
حقيقة واحده و هي الموت.
عندما تموت يبكيكَ العالم, من سيبكي عندما تموت ؟
,هل سيكترث الميت لبكاء الإحياء عليه ؟!
ربما يبكيك العالم أفضل من أن تبكي عزيز غالي.أجهل أن يكترث الميت أن يبكيه غيره لأنه هو نفسه قد أضحى في
عالم آخر حيث تتواجد به الراحة الأبدية البعيدة عن كل مشاغل الحياة, متاعبها وآلامها حتى في رفاهيتها فهي لا تخلو
من بعض الملل.
وأنت ,هل ستفرح لحظةُ موتكَ ؟!
الفرح بالموت !, هل هو من نصيب الشخص المؤمن أم من نصيب كل من أتت منيته وفرح لأنه قد فارق كل
ضجيج الحياة ولهو الدنيا, و الموت راحة من كل شر !
هنا تصعب الإجابة لأننا دخلنا كوكب صعب علينا اقتحامه واكتشافه , إلا إذا خطفتنا المنية, لكن اسأل الله لي
ولكم حسن الخاتمة لربما نكون من الفرحين لحظة الموت!!!
في النهاية انهي المقال بمقولة أخرى .
* إن الحياة تعطيك مئة سبب كي تبكي, لكن بمقدورك أن تمنح الحياة ألف سبب كي تبتسم*
الأربعاء أغسطس 06, 2008 1:09 pm
